تعتبر الضغوط من المصطلحات المثيرة للجدل لكونها تمتلك مدلولا شائعا متداولا ، وعليه ليس غريبا ان نجد مئات التعاريف لهذا المصطلح في مختلف فروع الطب وعلوم الانسان.
ان الضغوط حاله حتمية يواجهها الفرد في حياته مهما كان نمط واسلوب حياته التى يعيشها، حيث ان ظروف الحياه دائمة التغير، هذا التغير يستثير ويتضمن متطلبات ضاغطة نحو التكيف للظروف المتغيرة والمستجده، لذا فان الانسان في فعالية تبادلية مستمرة ومتواصله من الضغوط والتكيفات. وهذا يعنى ان المثير الضاغط يمكن ان يكون ايجايى او سلبي، اعتمادا على الاستجابة العاطفية التى يثيرها، ايجابي مثل الترقية الى منصب اعلى، وسلبي مثل فقدان رب الاسرة.
الضغوط النفسية تعني المحددات المؤثرة على سلوك الانسان في بيئته او هي صفة لموضوع قد يكون عائقا او مساعدا لجهود الافراد من اجل تحقيق هدف معين، وهناك تعاريف عديدة للضغوط، وتمتاز الضغوط النفسية بما يلي:
1-عباره عن احداث خارجية لبيئة تواجه الافراد.
2-يدرك الفرد ان هذه الاحداث هي مشكلات او اعباء تشكل تهديدا، وعليه مواجهتها لازاحتها او التخفيف من اثارها.
3-الضغوط النفسية عباره عن استجابة للمواقف من خلال ردود افعال تجاه متغيرات البيئة وهي تختلف في تقدير اهميتها وقيمتها من فرد لاخر.
انواع الضغوط :
يمكن تقسيم الضغوط الى ثلاثة انواع هي:
1-الضغوط الفيزيائية :- والتى تكون عواملها ومسبباتها الخارجية مثل التلوث الكيميائي، الجراثيم المعدية، الضوضاء وغيرها، وقد ينجح الفرد في التعامل معها الا اذا كانت بقوة كافية من الضغط فقد تسبب الاذى للفرد وبدرجات متفاوته قد تصل حد الموت.
2-الضغوط الاجتماعية :- وهي الضغوط التى تحدث نتيجة لتفاعل الفرد مع البيئة الاجتماعية، واكثرها يصعب تجنبه ويسبب صدمة نفسية، مثل وفاة شخص عزيز او فقدان وظيفة، واحيانا تتضمن احداث سارة مثل الزواج او تولى مناصب وظيفية اعلى، ان الضغوط الاجتماعية غير المتوقعة عادة يصعب التعامل معها وقد نؤدى الى اضطرابات تفسية حاده.
3-الضغوط النفسية :- وهي اكثر انواع الضغوط ضررا، وذلك بسبب طبيعتها التوترية وقد تننج عن الضغوط الفيزيائية والاجتماعية، والضغوط النفسية تكون حادة تتضمن الاحباط، الاحساس بالذنب، مشاعر عدوانية، وتتزايد هذه الانفعالات بحيث تؤدى الى الكرب النفسي، ويمكن وصف الضغوط حسب مداها، فمنها صغوط طويلة الامد او ضغوط قصيرة الامد.
وتشير الدراسات الى ان نظرة الافراد للضغوط تكون على اشكال ثلاثة: -
1-عندما يعتبر الفرد ان الضغط ليس ذو دلاله وبالامكان اهماله.
2-لطيف وايجابي: ويتضمن تقييمات واحكام الفرد للمواقف والشؤون العامه التى تكون نتائجها او ما يترتب عليها مفيدا ومرغوب.
3-الضاغط: ويشمل الحدث واحدا او اكثر مما يأتي:
أ)الاذى:وهو ما يشير الى ان الضرر واقع الحدوث مثل المرض او انخفاض تقدير الذات.
ب)التهديد:وهو ما يكون بشكل توقع حدوث الضرر او الاذى وعادة هو حدسي المنشأ.
ج)التحدي:وهو الحاله التى يشعر فيها الفرد انه قادر على السيطرة عليها او الفوز بها، الا ان هناك صعوبات عليه تجاوزها.
على المستوى البدني (الجسمي) تشمل الاستجابه للضاغط كافة اجهزة الجسم، بغض النظر عما اذا كانت الضغوط ايجابية ام سلبية، اي يتم اعداد الجسم لظرف طارئ كي يكون جاهزا لمواجهته ، وحيث ان الاستجابه الضاغطة بهذا المعنى، هي استجابه لمتطلبات التكيف، لذا يمكن اعتبارها صحية، واحيانا حيوية لاستمرار الحياه.
ان الاختلاف الاساسى بين الضغوط الصحية والضغوط المؤذية يتمثل في طبيعة المشاعر المترافقة، حيث ان الشرط الاساسى لتحول الاولى الى الثانية(اي الصحية الى مؤذية) هو ان يتم استشعار الضغوط او ترجمتها على انها تهديد، عندها تتحول الضغوط الى محنه، لذا من المفيد النظر الى الاستجابه للضغوط على انها فعالية متسلسلة اكثر من كونها حالة، تلعب المشاعر دورا رئيسيا في تحديد ما اذا كانت هذه الاستجابه صحية ايجابية ام ضارة سلبية.
التعامل مع الضغوط:
هنالك عدة تعاريف للتعامل مع الضغوط منها:
1-التعامل مع الضغوط هو تحديد العوامل التى يمكن ان تساعد الفرد على الابقاء على تكيفه النفسي والاجتماعي خلال المواقف الضاغطه.
2-التعامل مع الضغوط هو السلوك الظاهر والباطن الذى يتخذه الفرد للتفليل او التخلص من المواقف والحالات الضاغطة نفسيا.
مما تقدم يتضح ان التعامل مع الضغوط هو عملية يتخذها الانسان للتخلص من الحالات الطارئة والمتراكمه التى تواجهه والتي يمكن ان تشكل له ضغطا او عبئا نفسيا عليه مواجهته والتخلص منه.
تعددت الوسائل والاساليب للتقليل او الوقاية من تاثيرات التعرض للضغوط ويمكن القول عموما هنالك ثلاثة مستويات من التعامل مع الضغوط:
1-شخصى :ان الناس يتفاوتون في القدرة على التعامل مع الضغوط ويتحدد ذلك بما يلي:
أ)التكوين الاحيائي(البايولوجي) للشخص، اي كيف يستجيب عضويا للضغوط.
ب)التكوين النفسي: ويعتمد هذا على البناء النفسي للشخص، وخبراته والظروف التى مر بها، كلها تجعل الكيفية التى يفسر فيها الضواغط كمهددات او مصادر للتهديد.
2-اجتماعي/ اسنادي/ وقائي: يعتبرالاسناد الاجتماعي واحدا من الاليات المهمه في التعامل مع الضغوط، لما له من تاثير ايجابي، ونلاحظ ان الكثير من الافراد الذين يواجهون مشكلات لا يلجأون عادة الى طلب مساعده طبية نفسية وانما يميلون الى استخدام مصادر بديلة مثل افراد العائلة او الاصدقاء.
3-طبي-علاجي: من خلال استشارة المراكز النفسية المتخصصة او الطبيب النفسي، تلك الاستشارة التي تكون ملزمه و مطلوبه حتما عند فشل عملية التوافق أو ظهور أعراض مرضيه او اضطرابات سلوكيه, وتكون مهمة عند تعرض الانسان لأية ضغوط مؤثره, ويوجد في عدد من دول العالم مراكز استشاريه نفسيه للأزمات تعمل على مدى الأربع وعشرين ساعه, وتقدم المشورة لمن يحتاجها سواء بالاتصال الهاتفي او المباشر, غاية ذلك الوقاية من مضاعفات و نتائج الضغوط المختلفه, أما في مجتمعنا فمن المؤسف لا زال موضوع طلب استشارة الطبيب النفسي عند البعض سلوك غير مرغوب, استنادا الى مفاهيم خاطئه بأن من يراجع عيادة الطب النفسي هو فقط المريض العقلي( الجنون!), او ان الاستشاره النفسيه تدل على ضعف في الشخصيه, ويعود هذا الفهم الخاطىء الى عوامل عديده منها ضعف الثقافة النفسيه, واعتماد عدد من الزملاء الأطباء على العلاج الدوائي فقط .
عندما يتعرض الفرد الى محنه, فانها تستثير استجابه ذات ثلاث مراحل:
1. الانذار.
2. الدفاع.
3. الاجهاد.
لضمان تعامل ناجح مع الضغوط , لا بد من معرفة بعض النتائج الاجتماعيه المحتمله للضغوط غير المسيطر عليها و التي من أهمها:
1. السلوك العدواني الصريح.
2. انحرافات سلوك التكيف.
د. عاهد حسني
اختصاصي الطب النفسي
والتحليل النفسي العلاجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق